بحث

الأربعاء، 15 أكتوبر 2014

مواقع التواصل الاجتماعي .. والانحدار الأخلاقي

بقلم :هاجر عبد الربه السناري

أحدثت مواقع التواصل الاجتماعي ضجة وانبهر بها المجتمع بشكل كبير نتيجة ما قدمته من سهولة ويسر للتواصل بين الناس، واتسعت شهرتها و كثر استخدامها فأصبحت شغلهم الشاغل، حيث يتواصلون عبر هذه المواقع للتعرف على بعضهم ، ومعرفة أخبار بعضهم البعض، وتلقي الأخبار والموضوعات و كل ما هو جديد في الساحة . و إن هذه المواقع والبرامج مفتوحة، لا توجد لها ضوابط تتناسب مع ديننا الحنيف و قيمنا العربية وعاداتنا ومبادئنا الثابتة ،مما أثر على حياة الناس عموما سواء بشكل سلبي أو إيجابي.
تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي مكاناً لعرض الآراء وتبادل الأفكار والخبرات ومكانا لمعرفة العالم المحيط بنا والتواصل معه .. وكما لهذه المواقع ايجابيات, والتي أهمها هي جعل العالم الكبير أشبه بالكرة الصغيرة تستطيع من خلالها التطلع على مختلف ثقافات العالم ومعرفة أشخاص جدد من مختلف انحاء العالم , وتبادل الآراء والخبرات , والتواصل مع الأصدقاء والأقارب .............. إلخ .
وكما لمواقع التواصل الإجتماعي العديد من الإيجابيات , فلها العديد من السلبيات أيضاً , وهذا يختلف باختلاف استخدام الشخص لهذه المواقع .. فهناك من يستخدمها لغرض التسلية وملئ فراغ الوقت , وهناك من يستخدمها لنشر الاكاذيب والترويج للأشاعات , إلى غير ذلك من الاستخدامات التي تفسد المجتمع بدلاً من أن تصلحه .

وللأسف في أغلب المجتمعات العربية يسئ الأفراد استخدام مواقع التواصل الإجتماعي ويعتبرونه وسيلة ترفيهية يهدرون عليها أوقاتهم فيما لا يفيدهم أو يفيد مجتمعهم وبما يتخالف مع قيمهم ومبادئهم, وأن الكثير من الشباب العربي يستخدم شبكات التواصل الاجتماعي للدردشة، ولتفريغ الشحنات العاطفية، ومن ثَم أصبح الشباب يتبادلون وجهات النظر الثقافية والأدبية والسياسية عبر تلك الشبكات. وذلك على عكس استخدام المجتمع الغربي لها .. حيث أن الغرب أحسنوا إستخدامها فيما يفيد مجتمعهم ، حيث من خلالها يمكنهم التعرف على اغلب المشاكل التي يقع فيها المجتمع والحد منها للارتقاء بالمجتمع .


وفي الأونة الأخيرة تغير استخدام مواقع التواصل الاجتماعي تماما بالنسبة للمجتمع العربي فلم يعد مقتصرا على تبادل الاخبار والاراء ونشر الافكار للوصول الى المزيد من التواصل والتفاهم مع العالم المحيط بنا .. بل تعدى ذلك الى نشر المذاهب والافكار التي ينتمي اليها الانسان وظهور المذاهب السياسية والدينية وغيرها ومحاولة فرضها على الآخرين ( يا توافقني الرأي يا تكون ضدي ) ..
مما أدى ذلك الى انتشار ظاهرة التعصب وتدني الأخلاق وعدم تقبل الأخر, وأصبح التفاهم بين الآراء المختلفة شئ مستحيل , حتى أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مكانا لتبادل السب والاهانات بأبشع الألفاظ بل ويتضمن ذلك سب الأب والأم لمجرد انهم مختلفون معك في الرأي !!


أي فكر هذا وأي دين هذا الذي يجعل أفراد الوطن الواحد ان لم يكن أفراد الدين الواحد يهاجمون بعضهم بعضاً كالأعداء يسب بعضهم بعضاً ويستحقر بعضهم الأخر في محاولة لإظهار انه على حق والرأي المعارض له على باطل .. !!

لما لا يكون هناك مزيد من التفاهم وتقبل الآراء المعارضة على وجه رحب وسعة صدر دون أن يكون هناك مهاترات كلامية تؤدي الى النزاعات والتطاول على الأخر ..

ملخص كل هذا ..

أن شبكات التواصل الاجتماعي شبكات عالمية قد فرضت نفسها - وبقوة - داخل المجتمعات العربية خلال العشر سنوات الأخيرة.. أن أغلب تلك الشبكات متاحة للجميع وبالمجان.. أنها صممت أساسًا لتكون سهلة الاستخدام وبدون تعقيدات..أنها عملت على تكوين مجتمعات افتراضية جديدة.. أنها جمعت لأول مرة بين النص المكتوب والمقطع المرئي.. أنها عملت على تحويل المستخدِم لها من متلقٍّ للمعلومات كما في وسائل الأعلام التقليدية، إلى منتِج للمعلومات ومشارك فيها.. أنها مصدر جديد وجيد للحصول على المعلومات.. أنها وفَّرت مساحات كبيرة للشباب للتعبير عن وجهات نظرهم؛ بعيدًا عن مقص الرقيب، وهذا لم يكن متاحًا من قبلُ للشباب.. أنها فضاءات مفتوحة للتمرُّد والثورة، بداية من التمرُّد على الخجل والانطواء، وانتهاء بالثورة على الأنظمة السياسية في بعض الأحيان.. أنه يمكن الاستفادة منها في العديد من الخدمات التعليمية والثقافية والإخبارية.

لقد لَعِبت بعض مواقع التواصل الاجتماعي - وبخاصة موقع "الفيس بوك" - دورًا كبيرًا في تنظيم بعض الوقفات الاحتجاجية، وكذلك كان لنفس الموقع دور كبير في حشد الجماهير للقيام ببعض الثورات ضد بعض الأنظمة العربية المستبدَّة؛ كما في ثورات الربيع العربي (تونس ومصر).

وأن الاستخدام السيء لهذه الشبكات قد يؤدي إلى الانحدار الأخلاقي والمجتمعي , وغياب الوعي الديني والثقافي, والانحراف عن القيم والعادات والتقاليد للمجتمع .
وللأسف كما هو الحال في مجتمعنا الآن ..
 
 

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More